الاغلاط الكبيرة

الاغلاط الكبيرة

نزل على اقليمنا رجل من الغالبين الفاتحين , ولكن اول ما اخذ فيه ان امر بجمع السلاح من الاهالي ... وقد فعل ولست ادري لماذا صنع هذا الصنيع بالناس ... ويبدو لي انه اراد ان يقلم اظافرهم وينزع مظهر القوة فيهم حتى لا يجد منهم مقاومة اذا عسف بهم او اغتصب اموالهم , وعلى اية حال فالامر لا يعنيني لانني لست من حملة السلاح ولا يفزعني شيء مثل استعمال السلاح , ثم اني لست من اصحاب المال حتى اخاف على مالي من سطوة هذا الجبار او من عبث اللصوص , وما دام الامر لا يعنيني فاني لم اجعل له اعتبار عندي .
وفي يوم كنت اعبث في داري فعثرت بين مخلفات قديمة على خنجر اعطبني نصله الرقيق ومقبضه الرشيق , فتناولته وهززته بيدي كما يهز الفارس سيفه عند اقتحام الميدان


الاغلاط الكبيرة


 وقلت : 
لا بأس والله من ان اعلق هذا الخنجر في وسطي حتى ابدو في مظهر القوة والسلطة , فتكف زوجتي عن شجاري ونقاري , وما زالت المرأة اشد ما اتكون اذعانا للسطوة , وما هؤلاء الناس جميعا الا عبيد القوة , واذ دهاني العجب بنفسي , فخرجت في الطريق مزهوا بخنجري كأني فارس الهيجاء وليس على بالي اي شيء. 
ولكن ما كدت امضي في الطريق خطوات حتى ابتدرني رجل فظ غليظ من اتباع الحاكم , امسك بتلابيبي واخذ يدفعني من ظهري دفعا عنيفا , وهو يقول : كيف تخالف امر الحاكم ايها الشيخ العجوز الشرس , لابد ان تنال جزاءك على هذه المخالفة ... 
ولم اجد في الناس حتى من اهلي وعشيرتي من يغضب لاهانتي او ينقذني من الورطة , ولم اعجب لذلك فان الناس لا يفزعهم شيء مثل الخوف والرعب , ومتى كانت هناك قوة و سطوة فانما تكون كلمات المروءة والشهامة والنجاة حديث خرافة ... , ومثلت بين يدي الحاكم وانا في فزع لا يوصف ولا يعرف , واذا به ينهرني في غلظة قائلا :
أهذا انت ايها الشيخ الاحمق تخالف امري وتخرج عن طاعتي ؟
قلت : كيف اخرج على طاعة مولانا العظيم وانا شيخ لا مأرب لي ولا غاية عندي الا طاعة الغالبين الفاتحين ...
قال : وما صناعتك ؟
قلت : شيخ فقيه انفق وقتي كله في تأليف الكتب المفيدة و كتابة المسائل العجيبة !
قال : وما هذا السلاح الذي معك ؟
قلت :ابقاكم الله سيدا للعارفين فاني اصلح به اغلاطي للكتابة ...
قال : ان الاغلاط في الكتابة انا تصلح بشيء خفيف رقيق
قلت : يا صاحب العقل الرشيد , والرأي السديد ان اغلاطي في الكتابة كبيرة ... والاغلاط الكبيرة لا يصلحها الا السلاح الكبير .

عن بيت القصص

بيت القصص مدونة تعنى بنشر القصص التاريخية و القصص المنوعة وقصص للاطفال وكذلك تهتم بنشر الكتب بمختلف مجالاتها ونشر وكتابة الروايات

    تعليقات بلوجر

0 التعليقات:

إرسال تعليق