هؤلاء هم الناس

هؤلاء هم الناس

كنت اسير في الطريق فأدركني الجوع ... وكان معي من الزاد مايكفي للغذاء وزيادة فقلت في لنفسي ... ان الجوع مضر ودفع المضر واجب في كل مكان ... وعلى اي حال ولا بأس من ان اجلس للطعام , حيث اسير فمن قبلي جلس حكيم اليونان (ديوجينس) يأكل على قارعة الطريق , ولم يبال الطاغية الجبار الاسكندر المقدوني في شيء . 

هؤلاء هم الناس


ونزلت من على حماري , وتركته يأكل من حشائش الارض , ولكن التعاسة تأبى ان تفارقني حتى في اخذ حظي من الطعام , فقد مر بي رجل من اولئك الرفعاء الثقلاء المتحذلقين .
وبدلا من ان يبادلني التحية نظر الي محدقا متعجبا وقال :
ماهذا يا جحا الذي انت فيه ؟
قلت : ما فيه سائر ... قال : كلا ولكنك تخرج على اوضاع الناس .
قلت : في اي شيء ترى ..؟
قال : أيليق بك في فضلك و علمك ان تأكل هكذا على قارعة الطريق .
قلت : واي شيء في هذا يا اخي ..! وضحكت في نفسي ساخرا ورثيت للمسكين في عقله .
ثم قلت : واين هم الناس يا اخي ...
قال : هؤلاء الذين يمرون عليك افواجا على الطريق ...
قلت : هؤلاء ليسوا بناس ... ولكنهم بقر ....
وانكر الاحمق قولي وحاول ان يثير الجدل بيني وبينه في هذا الموضوع وخشيت ان يسمع احدا مابيننا والناس في طبعهم الفضولي , فيقفون الى جانبه وتدور الدائرة على رأسي , وقد تنجلى المعركة عن فقداني وحماري فقلت :
مهلا يا اخي لا تتعجل وانتظر حتى اقدم اليك الدليل ...
واسرعت فارتقيت هذه من الارض وناديت باعلى صوتي ايها الناس اني واعظكم فاسمعوا ...
واقبل الناس متواكبون من كل ناحية حتى سدوا الطريق من كل جانب ثم ابتدأت حديث الوعظ فقلت :
يا بني ادم انتم كالانعام ... بل اقل ... انت حطب جهنم يوم القيامة فما بقي احد منهم الا وقد انحدرت دمعة على خده .. او طرق اسفا على حاله .
ثم مضيت افيض عليهم من دوافع هذه الحكمة الباهرة واحدثهم حديث الامم العابرة ... فلما انهيت مما في جعبتي حتى استأنفت الكلام مرة اخيرة ...
ايها الناس لقد جاء في الكتب من اخرج لسانه , فضرب به ارنبة انفه غفر الله له ما تقدم وما تأخر ... فما لبث كل واحد منهم الا واخرج لسانه وراح يحاول ان يضرب به ارنبة انفه فالتفت الى صاحبي وقلت : انظر ايها الاحمق الداعي , هل هم ناس ام هؤلاء بقر.. ؟!

عن بيت القصص

بيت القصص مدونة تعنى بنشر القصص التاريخية و القصص المنوعة وقصص للاطفال وكذلك تهتم بنشر الكتب بمختلف مجالاتها ونشر وكتابة الروايات

    تعليقات بلوجر

0 التعليقات:

إرسال تعليق