حاتم الطائي

 حاتم الطائي 



كان العرب قديما يمدحون الرجل الكريم فيقولون " أكرم من حاتم " وذلك نسبة الى حاتم الطائي رمز الكرم لدى العرب و مضرب الامثال  بما عرف عنه من كرم وبذل في العطاء لكل محتاج .
عاش حاتم الطائي في زمن الجاهلية . قبل قدوم الإسلام و كان اشهر أبناء قبيلته "طيء" , والتي كانت تسكن بلاد الجيلين و هي الان منطقة " حائل "في المملكة العربية السعودية .
ولا تزال بعض بقايا اطلال قصره موجودة حتى الان و عرف عنه اعتناقه للمسيحية و كتابته للشعر , الا ان اغلب شعره ضاع مع الزمن و اشتهر بكرمه لما عرف عنه من جود مع ضيوفه و عطاءه للمحتاجين و الفقراء و يقال انه ورث الشعر و الكرم عن امه حتى ان اخواله حجروا على أموالها من كثر ما كانت تصرفها على السائلين وليس على نفسها .
و يروى عنه انه ذهب الى الملك النعمان بن منذر فاكرمه و ادناه ثم أعطاه عند انصرافه جملين محملين بالذهب وكثيرا من العطايا و الهدايا فلما رجع الى اهله استقبلوه و قالوا يا حاتم اتيت من عند الملك و اتينا من عند اهالينا فقراء فقال حاتم : هلموا فخذوا ما بين يدي فوزعوه بينكم ! , فاسرعوا اليه واخذوا كل ما كان معه حتى لم يبقوا من الجملين المحلمين ذهبا شيئا , فقالت له جاريته : اتق الله و ابق على نفسك , فما يدع هؤلاء دينارا و لا درهما ولا شاة ولا بعيرا ... , فانشد يقول : 
قالت طريفة ما تبقي دراهمنا
وما بنا سرف فيها ولا خرق
ان يفن ما عندنا فالله يرزقنا
ممن سوانا ولسنا نحن نرتزق
ما يألف الدرهم الكاري خرقتنا
الا يمر عليها ثم ينطلق
انا اذا اجتمعت يوما دراهمنا
ظلت الى سبل المعروف تستبق 

ويروى كذلك ان امرأة ثرية تسمى "ماوية " ارسلت ذات يوم الى عدد من الشعراء كان من بينهم النابغة الذبياني و حاتم الطائي و كانو جميعا يطمعون بالزواج منها , فقالت لهم : فليقل كل منكم شعرا , يذكر فيه خصاله وفعاله و افضاله , وانا اقرر بعد ذلك واتزوج اكرمكم و اشعركم . 
فانشد كل منهم شعره امامها ففاز حاتم حيث كان الاكرم و الاشعر الا انها طلقته بعد ذلك لنفس السبب وهو شدة كرمه و عدم تفكيره في الغد واحتياجات منزله .
فقيل ان بعد الطلاق جاء لها خمسون رجلا كانوا لا يعلمون بامر الطلاق , يطلبون من حاتم الطعام فارسلت له جارية تخبره فوافق وارسل لها جملين لاعداد الطعام , فقالت له زوجته : لهذا طلقتك !.
و قيل ان احد قياصره الروم بلغه ما يقوله الناس عن جوده و كرمه فاستغرب ذلك جدا و عرف ان لحاتم فرسا من كرام الخيل عزيزة عنده , فارسل اليه بعض حجابه يطلبون منه ذلك الفرس فلما دخل الحاجب دار حاتم استقبله احسن استقبال و رحب به وهو لا يعلم انه حاجب القيصر
 

 , ولكن كانت المواشي في المرعى فلم يجد اليها سبيلا ليكرم ضيفه , فنحر الفرس و اضرم النار ثم دخل الى ضيفه يحادثه فاعلمه انه رسول القيصر قد حضر يطلب منه الفرس فحزن لذلك و قال : هل اعلمتني قبل الان فانا قد نحرتها لك اذ لم اجد شيء غيرها فعجب الرسول من سخائه وقال : والله قد راينا منك اكثر مما سمعنا .
وساله رجل ذات يوم قائلا : يا حاتم هل غلبك احد في الكرم ؟
قال :
 نعم , غلام يتيم من طي نزلت بفنائه وكان له عشرة رؤوس من الغنم , فعمد الى راس منها فذبحه , وقدم الي و كان في ما قدم الي الدماغ فتناولت منه , فاستطبته و قلت : طيب والله , فخرج الغلام من بين يدي و جعل يذبح راسا بعد راس و يقدم لي الدماغ و انا لا اعلم . فلما خرجت لارحل رايت حول بيته دما عظيما واذا هو قد ذبح الغنم كلها . فقلت له : لم فعلت ذلك , فقال : يا سبحان الله ! تستطيب شيئا املكه فابخل عليك به !؟ 
توفى حاتم الطائي قبل 46 عام من الهجرة النبوية فلم يعاصر الا ابنته سفانه و ابنه عدي و ادركا الإسلام فاسلما .
و قد امتدح رسول الله ( صلى الله عليه و اله و سلم ) كرمه و خلقه , في الكثير من الاحاديث بعضها حسن و بعضها ضعيف و كان اكثرها اثناء لقاءات جمعت بين رسول الله و عدي ابن حاتم الطائي , فهذا هو حاتم الطائي , مضرب العرب في الكرم . 

عن بيت القصص

بيت القصص مدونة تعنى بنشر القصص التاريخية و القصص المنوعة وقصص للاطفال وكذلك تهتم بنشر الكتب بمختلف مجالاتها ونشر وكتابة الروايات

    تعليقات بلوجر

0 التعليقات:

إرسال تعليق