بهلول (اعقل المجانين)

بهلول (اعقل المجانين)

بهلول اعقل المجانين

ﻫﻮ وﻫﺐ ﺑﻦ ﻋﻤﺮو اﻟﺼﻴﺮﻓﻲ ﻣﻦ أهل الكوفة, كان رجلا تقيا ورعا زاهدا ﻓﻘﻴﻬﺎ ﻣحدثا أديبا عالما شيعي المذهب عاصر اﻹﻣﺎم ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ محمد الصادق (سلام الله عليه) وكان من خاصة تلامذته وعدّ من نوابغ عصره لما امتاز به من عقل راجح ويؤيده ما أثر عنه من اقوال وأبيات تزخر حكمة و تفيض وعظا.

أﻣﺎ ﺟﻨﻮﻧﻪ ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ إﻻ افتعالا  وﺗﻈﺎﻫﺮا اﻟﺠأته إﻟيه ﺿﺮورة سياسية, مؤثرا سلامة دينه على سمعته  وﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻣﻘﺎم ﻋﻠﻤﯽ واﺟﺘﻤﺎﻋﯽ ومضحيا بذلك ﻛﻠﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﻣﺼﻠﺤﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻴﺎ، وﻫذا بحد ذاته مؤثر واضحا على بعد نظره وذكائة.

بل هو مما لايصدر الا من عبقري يزن الامور بميزانها الصحيح فيقدم ارجحها دون الالتفات الى ما سيلحقه شخصيا من اذى أو ضرر, لا سيما اذا كانت المصلحة الراجحة اهم من مصلحته الشخصية, لاننا لو اردنا أن نعطي للعاقل تعريفا موجزا لقلنا أنه من يضع الامور في مواضعها, ومن هنا نجد ان البعض قد اطلق عليه لقب "المجنون العاقل" اشارة الى هذه النقطة بالذات أو "اعقل المجانين".

أما تشيعه فهو ما تعكسه بوضوح لا شوب فيه مناظراته وردوده المروية عنه في المجال العقائدي, ومناظرته لخصوم أهل البيت (عليهم السلام) ومخالفيهم بكلمات مقتضبة وعبارات مركزة تحمل بعضها طابعا فكاهيا تهكميا, وهي نصوص ان دلت على شئ فإنما تدل على ولائه وحبه لآل البيت (عليهم السلام) تصريحا وتلميحا اخرى, بل ويتأكد هذا اكثر فيما لو علمنا أنه كان يروي عنهم (عليهم السلام) أحاديثهم حتى عد من رواة الاحاديث الشريفة, إذ يروي عن جملة من الرواة منهم عمرو بن دينار وعاصم بن بهدلة وأيمن بن نابل.

ما هي قصة جنونه ..؟

روي ان هارون العباسي اراد ان يولي احدا قضاء بغداد فشاور اصحابه، فقالوا: لا يصلح لذلك إلا وهب بن عمرو، فاستدعاه وقال: يا ايها الشيخ الفقيه! أعنا على عملنا هنا
قال: بأي شيء عينك..قال هارون :بعمل القضاء..قال: أنا لا أصلح لذلك

فقال له هارون : أطبق اهل بغداد على انك تصلح له فقال: يا سبحان الله إني أعرف بنفسي منهم ثم إني في إخباري عن نفسي بأني لا أصلح  للقضاء لا يخلو أمري من وجهين: إما أن أكون صادقا. فهو ما أقول، أو أن أكون كاذبا، فالكاذب لا يصلح لهذا العمل، فألحوا عليه وشددوا، وقالوا لا ندعك أو تقبل هذا العمل قال: إن كان ولابد فأمهلوني الليلة حتى أفكر في أمري.فأمهلوه. فخرج من عندهم.

 فلما أصبح في اليوم الثاني تجانن وركب قصبة، ودخل السوق، وكان يقول: طرقوا، خلو الطريق لا يطؤكم فرسي...فقال الناس: جن بهلول. فقيل ذلك لهارون.. فقال: ما جن ولكن فر بدينه منا، وبقي على ذلك إلى أن مات والحقيقة أن هارون كان يعرف جيدا أن البهلول إنما أظهر الجنون حفاظا على عقيدته وصونا لدينه، وقد ضحي في سبيل ذلك بكل مظاهر الحياة الدنيا وبهارج زينتها، وآثر على ملذاتها أن يظهر بتلك الحال بما تقتضيه من سوء مظهر، ونیل ازدراء، وفقدان وقار، حتى لا يقع في حبائل النظام الحاكم آنذاك، وتوقیر عامة الناس، لما تحلي به من قناعة وزهد و تقوی وصراحة في قول الحق الذي كان يعرب عنه بلا مداهنة بأسلوب النثر مرة، والنظم أخرى، صابا إياه في قالب جميل من الظرافة تارة، والسخرية اخرى.
إن مثل تلك الروح السامية التي لم يركن صاحبها إلى طاغوت عصره، ولم يبع دينه بدنياه الفانية، لجديرة حقا بالمدح والثناء والتعظيم. 

عن بيت القصص

بيت القصص مدونة تعنى بنشر القصص التاريخية و القصص المنوعة وقصص للاطفال وكذلك تهتم بنشر الكتب بمختلف مجالاتها ونشر وكتابة الروايات

    تعليقات بلوجر

0 التعليقات:

إرسال تعليق