اغنى امرأة في العالم

اغنى امرأة في العالم 


اتصلت سيدة عجوز ببنك الطعام تطلب حضور مندوب لاستلام خمسة بطانيات تبرعا منها لمصلحة ضحايا السيول وتركت عنوانها بالتفصيل ...
ميدان ثم شارع ثم حارة ثم حارة أخرى ثم دكان بقال ثم بيت . 



اغنى امرأة في العالم
وصل مندوب البنك بصعوبة بالغة الى مكان إقامة السيدة العجوز  فوجدها هرمة اكثر من أي تصور و هزيلة اكثر من أي توقع و بسيطة اقل من كل فقر , تسكن غرفة صغيرة لا تدخلها الشمس تحت السلم !
استقبلت موظف البنك باشتياق شخص يبعث عن ضوء في عتمة , أصرت ان تعد له كوبا من الشاي , واجب الضيافة , وهي تقدمه قالت له : " الشاي يا بني من يد خالتك كرمة و بالهناء والشفاء , والله كوبايتي نظيفة وزي الفل ما تقرفش ".
كان الموظف الشاب يشرب الشاي وهو يراقب عروق وجهها تنتفض وهي تحكي منفعلة و كان دهشا و تصرخ في وجع :" لا تستغرب , انا فقيرة و لكن هنالك من هو افقر مني, املك راتبا من زوجي رحمه الله 300 جنيه , احضرت ب 250 منهم هذه البطانيات , وسادبر نفسي ب50 جنيه المتبقيه , ربنا يرزق .
غرفة لا تتسع لاكثر من شخصين , سرير صغير يتحمل بصعوبة جسدها النحيل , مصباح في السقف , و تلفاز بايريال معلق على شباك المنور , هاتف جوال قديم يبدو انه نافذتها الوحيدة الى الحياة , و ابتسامة دافئة كبيرة تكشف عن زمن بعيد لم تعرف فيه ابعد من هذه الغرفة و من هذا المكان .
-لكن يا حاجة كرمة , ألست أولى بهذه الأموال , تحت هذه الظروف ؟
وتخبط يدها على طرف السرير فيهتز , وتقول بعبارات لا زيف فيها ولا تراجع :" يا بني الذي رأيته على التلفاز يقطع القلب , ناس عراة مرمون في الشوارع من غير بيت او غطاء , انا فقيرة لكنني لست " غلبانه " هم غلابه ولو لم يكونوا فقراء , انا رنا سترني بغرفة اقفل بابها تدفئني وانام , لكنهم لا يملكون غرفة ولا باب , يا بني خذ هذه البطانيات و توكل على الله , اسرع في ارسالها لاحد محتاج قبل ان يحل الليل , توصل بالسلامة , شرفتني يا ابني " .
ذهب الموظف باغلى خمس بطاطين الى مقر بنك الطعام , وحكى لهم , ودموعه كثيرة في عينيه , قصة الحاجة كرمة , كرمها و كبريائها , و جهها الصافي الصادق و كلماتها البريئة الحقيقية , حكى لهم عن علاقتها مع الله , هذه المرأة العجوز التي نسيها الزمن لم يهملها الله من رحمته , فرزقها الحب والبساطة و الشجاعة , هذه امرأة لا تخاف أحدا , لا تخاف الفقر ولا الجوع ولا البرد ولا المرض ولا الموت , تحب الله و تعيش في امانه و في وعده الحق لها , حكى قصة امرأة نظنها تعيش على هامش الحياة ... لكنها هي الحياة نفسها .

قرر زملاؤه ان يفعلوا أي شيء لهذه المرأة , اقترحوا معاشا شهريا , معونة عاجلة , البحث عن شقة صغيرة لها , سريرا اكبر , ثلاجة بها طعام , فسحة في مكان جميل , لكن موظف البنك الذي ذهب اليها قال لهم بثقة من عرفها عن قرب : انها سترفض كل شيء . في النهاية وصلوا الى حيلة , اتصلوا بها على انهم من شركة الهواتف التي تحمل احد ارقامهم , ابلغوها انها فازت بجائزة مالية كبيرة , فقالت لهم دون ان تهتز من فرحة او مفاجئة :" عارفين بتوع بنك الطعام , اتبرعوا لهم بالفلوس كلها , قولوا لهم يجيبوا بيها بطاطين كثيرة لبتوع السيول , ما حدش بيموت من الجوع , بس في ناس كثيرة تموت من البرد !".

عن بيت القصص

بيت القصص مدونة تعنى بنشر القصص التاريخية و القصص المنوعة وقصص للاطفال وكذلك تهتم بنشر الكتب بمختلف مجالاتها ونشر وكتابة الروايات

    تعليقات بلوجر

0 التعليقات:

إرسال تعليق