القمر القديم
كنت مارا ذات يوم بالقرب من احد الاودية فاعترضني راع وسألني : هل انت فقيه يا سيدي ؟- نعم .
-انظر الى هذا الوادي والى هؤلاء القتلى فيه ... فانني قتلتهم لتضاهرهم بالعلم , وعجزهم عن جواب واحد سألتهم اياه ...
فسألت مستغربا ولست خائفا لاني كثيرا ما واجهت مثل هذه المآزق والمشاكل ...
-وما سؤالك ؟
قال وهو يحدق في : ان القمر حينما يكون هلالا نراه صغيرا ..ثم يكبر ويصير بحجم الدولاب ويعود يصغر الى ان يغيب ويطلع غيره ... فما يصنعون بالقديم ...؟
فتنحنح جحا قائلا : اسفا على هؤلاء .. اما فيهم من كان يعرف ان الاقمار القديمة تخبأ للشتاء ثم يعمل منها البرق ..
فانطرح الراعي على يدي الشيخ يقبلهما وهو يقول :
-والله هذا الذي كان يخطر ببالي ...
-فلتأكلهم النار جميعا .
وفي اليوم التالي نزلنا على اخر فقيل لنا ان دارا سقطت على سكانها , فمات كثيرون تحت الانقاض , فزمجر ضيقا وصاح :
-لماذا يتركونها تسقط عليهم ...؟
وفي اليوم الثالث ...., نزلنا على قرية وقت انحدر عليها السيل من الجبال , فجرف بيوتها واهلك اهلها ... فقال الطاغية :
-ولماذا لم يدفعوا السيل عن انفسهم ..؟!
وفي اليوم الرابع ... , نزلنا على قرية فقيل لنا ان عجلا انطلق عدوا ثائرا , فقتل عددا كبيرا من الناس , فمنهم من شجت بطنه , ومنهم من فقأت عينه .. ومنهم من تكسرت ضلوعه ...
فقال هذا الطاغية :
-ما احرى بهذا العجل الشجاع ان يكون فارسا في الجيش , وهالني ما رأيت من الفضائع , فمثلت بين يدي الطاغية في تضرع وخشوع وقلت :
-يا مولانا السلطان ... ان طالع السعد يبدو حيث مررتم , وطائر اليمن يقف حيث حللتم .. وفي كل يوم يشرق الخير من جبينكم على هؤلاء المساكين ...
واخشى ان تمتد رحلتكم اكثر من هذا فيكون في ذلك هلاك العباد وخراب البلاد ...
0 التعليقات:
إرسال تعليق