قصة الخاتم الذهبي

قصة الخاتم الذهبي 

قصة الخاتم الذهبي


كان في سالف العصر و الزمان، حكيم صيني مشهور يستقبل الناس في بيته و يساعدهم على حل مشاكلهم وفي أحد الأيام ... قدم لرؤيته شاب وسيم في مقتبل العمر... و فور وصوله، استقبله الحكيم بحفاوة  كما هي عادته مع كل الناس .

بعد استراحة الشاب وانتهائه من تناول الطعام ... سأل الحكيم : سيدي الفاضل، بطبيعة الحال أنت تعلم سبب مجيئي إلى بيتك اليوم ... فرد عليه الحكيم بابتسامة عريضة : تكلم بني أنا أنصت لك ... فقال الشاب : أتيت لرؤيتك، لأني لا أجد حلاً لمشكلتي, ثم استأنف كلامه بملامح كئيبة وقال : سيدي ... كثيراً ما أسمع من الناس أني لا أصلح لشيء و أني لا أفعل أي شيء مفيد، و ينعتونني بالغبي و المتخلف ... رغم كل جهودي لإرضائهم، و رغم سعيي المتواصل و الدؤوب لفعل ما أستطيعه, سيدي ... أتيت إليك اليوم لمساعدتي، فأنت من الحكماء القلائل في زمننا هذا رجاءً لا تبخل علي بالنصح و المساعدة ... ما الذي يتوجب علي القيام به لتعزيز ثقتي بنفسي و كيف أصبح إنساناً ناجحاً.

دون أن يلتفت إليه، أجاب الحكيم بصوت يلفه الحزن: بني ...أنا أقدر ما تمر به من ظروف صعبة ... إلا أني في غاية الأسف أنا الآن منهمك في حل مشكلتي ... ربما .... يتريث قليلاً مركزاً نظره صوب الأرض.. ثم يكمل إذا ساعدتني في حل مشكلتي سريعاً، يصفو ذهني و أتمكن من مساعدتك .

 يرد عليه الشاب و نبرة صوته توحي بخيبة أمل كبيرة : طبعاً ... ما المطلوب مني سيدي... فنزع الحكيم من أحد أصابع يده خاتماً ذهبياً  ثم أعطاه للشاب قائلاً له : امتطي حصانك و انطلق إلى سوق المدينة، يجب عليك بيع خاتمي هذا لأتمكن من سد الدين الذي علي ...و بطبيعة الحال، يجب أن تبيعه بأقصى ثمن ممكن ... أذكرك، يجب ألا تبيعه بأقل من قطعة ذهب هيا بني ... اذهب و عد إلي بالنقود في أسرع وقت ممكن.

أخذ الشاب الخاتم ... وامتطى حصانه، متجهاً صوب السوق فور وصوله، بدأ في عرض الخاتم على التجار ... معظمهم كان يبدي اهتمامه الكبير بالخاتم و ينتظرون معرفة الثمن الذي يطلبه الشاب كمقابل, و فور ما يخبرهم بأن ثمنه، قطعة من ذهب، حتى يبدأ بعضهم في الضحك بأعلى أصواتهم مستهزئين، و البعض الآخر ينطلق دون أن يعيره أدنى اهتمام, فقط هناك رجل عجوز هو من تكرم عليه بوقت وجيز، شرح له فيه أن القطعة الذهبية التي يطلبها كمقابل أكبر بكثير من القيمة الحقيقية للخاتم .. مبدياً رغبته في مساعدة الشاب، عرض العجوز عليه قطعة من نحاس، ثم بعد رفض الشاب للعرض،
عرض عليه قطعة من فضة, تردد الشاب قليلاً ... إلا أنه بعد تفكير عميق ، قرر اتباع تعليمات الحكيم، بألا يقبل بأقل من قطعة ذهب .

... بعد ما عرض الخاتم على كل المارين و التجار بالسوق و لم يتمكن من بيعه ،امتطى صهوة حصانه عائداً أدراجه، وعلى طول طريق العودة و هو يردد " آه لو كنت أملك قطعةً ذهبيةً، لاشتريت الخاتم من الحكيم، لأساعده على تسديد دينه حتى يتمكن بدوره من مساعدتي على حل مشكلتي ... فور وصوله لبيت الحكيم ... قال الشاب للحكيم : سيدي أنا في غاية الأسف، لم أوفق في الحصول على ما طلبت مني, 
في الحقيقة، تمكنت من الحصول كأقصى ما عرض علي على قطعتين .. قطعة من نحاس ثم على  قطعة من الفضة, و يبدو لي، أنه لا يمكننا خداع الناس حول القيمة التي يستحقها الخاتم الذهبي ... تبسم الحكيم، ابتسامته العريضة المشرقة، ثم رد على الشاب قائلاً : ما قلته بني في غاية الأهمية.


قصة الخاتم الذهبي


 أولاً.. يجب علينا معرفة القيمة الحقيقية للخاتم ..هيا، امتط حصانك مرة أخرى، و اذهب إلى بائع المجوهرات، هو الشخص الوحيد الذي بإمكانه إخبارك بقيمة الخاتم الحقيقية ...لكن انتبه... مهما عرض عليك كمقابل لشراء الخاتم لا تبعه له  وعد الى هنا و بحوزتك الخاتم
هيا  انطلق سأبقى في انتظارك فعلاً انطلق الشاب  مسرعاً كله أمل .

و فور وصوله إلى محل المجوهراتي، ناوله الخاتم و طلب منه فحصه بعناية ... فحص المجوهراتي الخاتم بعناية فائقة ... تأكد من جودة الذهب المصنوع منه الخاتم و وزنه ثم قال للشاب : أنا مستعد أن أشتري منك هذا الخاتم مقابل 58 قطعة ذهبية ... و في الحال اندهش الشاب و لم يكد يصدق ما سمعته أذناه ... و قال متسائلاً : عفواً 58 قطعة ذهبية !... المجوهراتي مؤكداً : بل 70 قطعة ... إذا كان البيع الآن تجاهل الشاب إصرار بائع المجوهرات و عاد بأقصى سرعة ممكنة و تعلو محياه ملامح البشر و السرور .

 قص على أستاذه ما حصل بعد الإنصات بإمعان، طلب الحكيم من الشاب الجلوس ...و قال له: بني كل ما طلبته منك، كان مجرد اختبار وهو في نفس الوقت درس لك, فأنت مثل هذا الخاتم الذهبي، ذو قيمة كبيرة و فريد من نوعك، إلا أن أغلب الناس لا يعطونك القيمة التي تستحقها, قليلون فقط هم من يعرفون قيمتك الحقيقية، و هذا أمر منطقي.

بني ... أن ترضي جميع الناس، هذا شيء مستحيل، كن على يقين
فلن يرضى عنك كل الناس مهما حاولت، وهذا مما علمتني إياه الحياة,
 إذا مضيت في سبيل حالك، و سعيت سعياً حثيثاُ للعيش و تحقيق أهدافك النبيلة في الحياة، وفق ما يتماشى و راحة بالك و توازنك الداخلي أي و أنت راض عن نفسك، فذاك أعظم أسرار النجاح,
امض بني و عش حياتك بالشكل الذي يرضيك و لا تكترث للآخرين. 
واعلم : أن من واجهك و وصفك بصفة سيئة فاعلم علم اليقين أنه هو من يعاني من تأثير تلك الصفة فيه..تستحق العيش بسعادة و هناء
فالحياة تستحق.

و منذ ذلك الحين و الشاب في سعادة بل قد أنجز الشيء الكثير له و لبلدهو مضت الأيام و السنين, و أصبح الشاب أحد أهم قادة بلده نحو التطور و التقدم.

عن بيت القصص

بيت القصص مدونة تعنى بنشر القصص التاريخية و القصص المنوعة وقصص للاطفال وكذلك تهتم بنشر الكتب بمختلف مجالاتها ونشر وكتابة الروايات

    تعليقات بلوجر

0 التعليقات:

إرسال تعليق