المنجمون الثلاثة وجحا

المنجمون الثلاثة وجحا

جاء الى بلدتنا الصغيرة ثلاثة منجمين يزعمون ان عندهم علم النجوم وطوالعها ... السماء وابعادها .. والارض وحدودها ... وقد طافوا بكثير من البلاد واجتمعوا بالعلماء والشيوخ فيها وجادلوهم فيما يعرفون من هذه العلوم الارضية والسماوية , فعجزوا جميعا عن الاجابة والافادة وفاز المنجمون عليهم في المناقشة والجدال , ولهذا الغرض حضروا الى بلدتنا ليظهروا فيها على اهل العلم والمعرفة ...
وفزع حاكم البلدة لقدومهم خاصة انه ليس في بلدتنا من يستطيع ان يفوقهم علما ومعرفة ...
واجتمع الحاكم برعيته ليختاروا احد العلماء الذي يستطيع ان يجادلهم او يجيبهم عما يسألون ...
ووقع الاختيار علي انا ...
قالوا ... وقد صدقوا فيما قالوا :
- ان جحا هو العالم العلامة والحبر الفهامة ... وهو ... وهو ...وامتلأت فخرا وزهوا وقتها عندما سمعت مدحهم لي وأولم الحاكم وليمة عظيمة تليق بي وبهذه المناسبة , ودعاني للمحاورة والمناظرة فارتديت اجمل ثيابي , وركبت حماري واخذت عصاي , وقصدت الى بيت الحاكم . 


المنجمون الثلاثة وجحا


وكان كثير من الناس في انتظاري .. فلما وصلت تسارعوا نحوي , وامسكوا بلجام حماري , وانزلوني من عليه في ترحيب بالغ .. ومائة اهلا ... ومائة سهلا...
وقالوا : هيا الى الطعام .
وقلت انا بل هيا الى الكلام ثم نتمتع بالطعام بعدئذ ...فأبرزوا الي ايها الفلاسفة وهاتوا علمكم واروني ما عندكم ...
وساد الهدوء المكان .... وراح الجميع ينظرون الي وهم مشفقون , اقبل نحوي احد المنجمين رافعا يده بالسؤال قائلا في سخرية ...
هل انت يا جحا الذي اختاروك لتحاورنا ..؟
وقلت في تواضع ...يضع سره في اضعف خلقه , وما انا الا انسان ضعيف , ولكن الله عوض ضعفي وفقري بالعلم , فهات ما عندك ايها المنجم المتحذلق ...
_ اذن قل لنا هل تستطيع ان تخبرنا اين وسط الارض ؟
فقلت في تواضع وبساطة : عجبا .... هل انت من الغباء الى هذا الحد ؟ امدد عصاك حيث يضع حماري قدمه اليمنى , فانك تجده يضعها في وسط الارض ...
فقال وهو يحاول عدم الاقتناع : و ما الدليل على  ذلك ... قلت : امامك الارض فقس ابعادها وحدد اطرافها , فانك سوف تتأكد مما اقول , والا فانت غبي جهول ...
ولم يستطع الرجل ان يتنفس امام تلك الحجة الصادقة وعاد الى الخلف مهزوما خائفا , والقوم من امري وامره في عجب و دهشة ... وتقدم المنجم الثاني فقال :
ايها الشيخ العظيم .. لقد ثبت بالدليل انك عالم بالارض وابعادها .. فهل لك ان تخبرني بعدد نجوم السماء ؟!
فابتسمت وقلت : وهل يجهل هذا الا الاغبياء .. ان عددها ايها الداعي عدد شعر حماري سواء بسواء ...
فقال لي في استغراب : كيف ذلك ؟
قلت في بساطة وهدوء .. لقد عددت النجوم وعددت شعر الحمار , فوجدت العددين متفقين , وها هو الحمار امامك فعد شعره تجد صدق ما اقول . فنكس الرجل رأسه علامة التسليم ... وتراجع الى الوراء كصاحبه .. فتقدم الرجل الثالث وقال : انت يا جحا انسان عظيم وقد شهدت لك بانتصارك على زميلاي .. ولقد بهرنا علمك بالارض وبنجوم السماء , فهل لك يا جحا ان تخبرني بعدد شعر لحيتي (مشيرا الى لحيته البيضاء )...
فضحكت قائلا : ذلك يعلمه صبيان بلدتنا , فان عدد شعر لحيتك عدد ما في ذيل حماري من شعر لا ينقص شعرة .. ولا يزيد شعرة ... تماما ... تماما ...
وصمت لحظة وقلت : انزع شعرة من لحيتك واخرى من ذيل حماري , فانك سوف تجدها متشابهين تماما ..
وضج الجميع بالضحك والصياح وهو لا يفهم معنى عبارتي الاخيرة وانتهت معركة الكلام ... ثم جاءت معركة الطعام فكنت فيها فارس الميدان .. وخرج المنجمون الثلاث يجرون خلفهم اذيال الخيبة والعار ...

عن بيت القصص

بيت القصص مدونة تعنى بنشر القصص التاريخية و القصص المنوعة وقصص للاطفال وكذلك تهتم بنشر الكتب بمختلف مجالاتها ونشر وكتابة الروايات

    تعليقات بلوجر

0 التعليقات:

إرسال تعليق