نابليون بونابرت (الجزء الثاني)
اهلا وسهلا أعضاء وزوار
مدونة بيت القصص ..بعد ان انتهينا من الجزء الأول من قصة نابليون بونابرت والتي
تحدثنا فيها عن ولادته ونشأته ووصوله الى سدة الحكم وبعض المعارك التي خاضها,
اليوم سنكمل لكم الجزء الثاني من حياته والاحداث التي مر بها ...
دفعته حماقته في
سنة 1818 ان يدخل في معارك طويلة في اسبانيا, وقد أدت هذه المعارك الى شغل الجيوش
الفرنسية وارتباكها زمنا طويلا, ولكن اكبر أخطاء نابليون هو عندما دخل في حرب ضد
روسيا, ففي سنة 1807 التقى نابليون بالقيصر الروسي في مدينة تلسيت واقسم الاثنان
على الصداقة الدائمة, ولكن هذه الصداقة لم تدم طويلا فقد دخل نابليون بجيشه العظيم
الى روسيا في سنة 1812, ولكن الجيش الروسي لم يدخل اية معارك مع نابليون انما راح
ينسحب امامه, مما جعل نابليون يتقدم بسرعة في داخل روسيا, وفي سبتمبر احتل نابليون
موسكو, وقام الروس بإحراق المدينة فانهدم اكثرها, وبعد ان مكث نابليون خمسة أسابيع
في موسكو, انتظارا لان يستسلم الروس ولكنهم لم يستسلموا, قرر نابليون ان ينسحب
عائدا, ولكن جاء هذا القرار متأخرا, فقد تحالفت ضده عناصر عديدة .. الجيش الروسي
الذي بدأ يقاتل والجليد الذي غطى جبهات القتال ونقص العتاد والمؤن الفرنسية, ولذلك
كان الانسحاب رهيبا, فلم ينسحب الا حوالي 10% من الجيش الفرنسي.
وانتهزت دول اوربية
أخرى هذه الفرصة, لكي تتخلص من الاحتلال الفرنسي, فاتحدت بروسيا والنمسا ضد
نابليون, ووقعت معركة لينرج في أكتوبر سنة 1813 وانهزم نابليون, وفي السنة التالية
استقال ونفي الى جزيرة البا بالقرب من الشاطئ الإيطالي.
في سنة 1815 هرب
نابليون من جزيرة البا وعاد الى فرنسا حيث استقبله الشعب الفرنسي بحفاوة عظيمة
واستعاد نابليون قوته, ولكن الدول الاوربية الأخرى قد أعلنت عليه الحرب وبعد مائة
يوم من حكمه هذا لقي هزيمته النهائية في معركة واترلو, وبعد هذه المعركة سجنه
الانجليز في جزيرة سانت هيلانة, وهي جزيرة صغيرة في جنوب المحيط الاطلنطي وتوفي
بالسرطان في سنة 1821.
ان التاريخ
العسكري لنابليون فيه الكثير من المفارقات, فقد كانت له عبقرية في التكتيك الحربي
ليس لها نظير في التاريخ, واذا نحن اتخذنا هذه البراعة مقياسا لعظمته امكننا ان
نقول دون مبالغة انه اعظم قائد عسكري في التاريخ.
ولكن في
الاستراتيجية للحرب كانت اخطاءه فادحة مثل غزو مصر وغزو روسيا, فأخطاءه الاستراتيجية
كانت من الفداحة بحيث لا يصح ان يكون من بين القادة العظام في التاريخ, ولا شك ان
من ضمن مقاييس العظمة الا يقع الانسان في أية أخطاء كبيرة, ومن الصعب ان يعرف
الانسان ماذا كان يدور في رؤوس كثير من القادة العظام الذين لم يهزموا قط مثل
الاسكندر الأكبر وجنكيز خان و تيمورلنك.
ولكن لان نابليون
قد هزم في النهاية, فان الحكم على انتصاراته العسكرية اصبح موضوعا للنقاش والشك أيضا...بعد
هزيمة نابليون أصبحت فرنسا تملك ارضا اقل مما كانت تملكها في سنة 1789 عندما
اشتعلت الثورة الفرنسية.
ونابليون كان
مغرورا ومصابا بجنون العظمة, ولذلك قارنوه بهتلر ولكن هناك فارقا هائلا بين
الرجلين, فبينما كان هتلر مدفوعا بفلسفة عنيفة كان نابليون انتهازيا طموحا, وليس
من فظائع نابليون ما يمكن مقارنته بمعسكرات الاعتقال التي أقامها هتلر.
ولكن شهرة نابليون
العظيمة, تجعل من السهل علينا ان نبالغ في اثره بعد ذلك واثره القصير المدى الذي
كان اكبر من اثر الاسكندر الأكبر, ولكن اقل من اثر هتلر, ويقال ان عدد الفرنسيين
الذين ماتوا في حروب نابليون بلغوا نصف مليون, بينما عدد الجنود الذين لقوا مصرعهم
في حروب هتلر قد بلغوا ثمانية ملايين.
ولكن الأثر البعيد
المدى لنابليون كان اهم بكثير جدا من هتلر, وان كان اقل من الاسكندر الأكبر, فقد
احدث نابليون بغييرات كبيرة في الإدارة الفرنسية, وكان سكان فرنسا يعادلون واحدا
على سبعين من سكان العالم, ويقال يضا ان عهد نابليون هو الذي دعم مبادئ الثورة
الفرنسية, وفي سنة 1815 عندما اعيدت الملكية الى فرنسا, كانت مبادئ نابليون قد
رسخت في أعماق الناس والمجتمع, حتى اصبح من الصعب جدا العودة الى النظام الفرنسي
القديم.
وعلى الرغم من
الملكية التي أقامها نابليون فانه استطاع ان ينشر مبادئ الثورة الفرنسية في أوربا
كلها, كما كان لنابليون اثر غير مباشر على أمريكا اللاتينية, فغزوه لإسبانيا قد
اضعف الحكومة الاسبانية, لبضع سنوات فلم تعد قادرة على إدارة مستعمراتها في أمريكا
اللاتينية.
ولكن من اهم اعمال
نابليون انه باع مساحة من الأرض الى الولايات المتحدة, ايمانا منه بأن فرنسا لن تتمكن من الاحتفاظ بهذه الأرض امام القورة البحرية لانجلترا, كما انه كان في حاجة
الى المال, وعملية البيع هذه عرفت في التاريخ باسم "صفقة لويزيانا" وهي
اكبر عملية بيع ارض عرفها الانسان, فقد تحولت بعدها الولايات المتحدة الى
"دولة قارة" أي دولة لها حجم القارة!..ولا احد يعرف ما الذي كانت ستصبح
عليه الولايات المتحدة بدون هذه الصففة.. من المؤكد ان الولايات المتحدة ما كان من
الممكن ان تكون دولة عظمى بغير هذه الصفقة!
ولم يكن نابليون
هو صاحب الفضل في ذلك وحده, فقد لعبت الولايات المتحدة دورا هاما في ذلك, وكانت
هذه الصفقة نوعا من المساومة, تفعله أية حكومة أمريكية, ولكن بيع ارض لويزيانا ما
كان يجرؤ احد على اتخاذ قرار بيعها سوى رجل واحد ..وهو نابليون.
انتهى الجزء
الثاني.
0 التعليقات:
إرسال تعليق